لاتوجد اجزاء متحركة في الرأس ســـوى الذاكرة . ازدادت كثـــافة الدخان حتى اننا لبثنا صامتين كنا ننظر من خلف الدخان الى بقية الجنود الذين بدأوا بالانسحاب الواحـد تلو الاخر عندمايصعب علينا مشـاهدة الجنود كنا ننصت لوقع اقدامهــم حينها قلت .كنت لاتملك تلك الرغبة الطفولية لممازحتي رغــم ذلك فقد حاولـــت قدر اسـتطاعتي بان اتغلب على صمتك وحياؤك محاولآ استخراج صوتك المحـبب وانا امـــسد رأس بالونك الازرق فتستجيب بسرعة لدعاباتي وممازحاتي قائلآ كن حذرأ مع البالون الازرق ثم ما نلبث طويلآ حتى نضحك حد البـكاء لكن ذلك الصوت القادم من الافق البعيد يبعث فينا النشوة بل كان يجعلنا ندرك حقيقة ماضينا الذي اخذ بالازدياد يوما بعد يوم , ننـــظر بعد ذلك الى السماء , حقآ ايها الصوت ان كل الاشياء جــميلة ..كنا نتعاطف مع كل المخلوقات حتى اننا كنا نطعم الزهور والاشجار والجدران والمياه , كنت اندس خلسة بين اكيــاس الرز كي لاتراني جدتي فاملأ كفي بالرز وبعد الانتهاء من ذلك أسرع مهرولآ فأجــــدك بانتظاري فنتقاسم حبات الرز ونبدأ باطعام الزهور كنا نعلم ان فعلنا هذا سيضيف الى براءتنا براءة جــديدة تتعاظم كلما ابتـــعدنا عن طفولتنا كانت السعادة تغمرنا بعد ان ننهي عملنا فنرمي انفــسنا على الاعشاب الخـضراء فتعود مرة أخرى مقتلعآ الارض من تحت قدميك فاتبعك مناديأ ( سم الحية ) انتظر ايها الــبالون الـصغير اتبعك اينما اتجهت حتى ان خطـواتنا كانــت تاخدنا دون علمنا الى الثكنة العسكرية القريبة من القرية كنت تتوقف فجأة فتحبس انفاسك وتضم البالون الى صدرك وكنت تفعل ذلك كلما كنا في ذلك المكان , بل كان خوفك يتعاظم كلما استـمعت الى الهتافات التي يطـلقها الجنود هناك فتعود ادراجك حزينآ .
بدت علامات الحزن على وجهه واختفت ابتسامته حتى انه طلب مني أن اردد الترنيمة وفعلت ذلك ثم قال : انت تذكر تلك اللـيلة التي جلست فيها مرعوبآ بعد كابوس مرعب في تلك الليلة وعندما كنا على سطح الدار تحدثنا مع جدتك كثيرآ تحت السدرة التي كانت تخيم على السطح حتى غلبنا النعاس حينها قالت جدتك نم ايها البالون الصغير فرايت في المنام فصيلآ عســكريآ ليس بعدده المــعتاد كان فصيلآ يملأ الارض كانوا يرددون هتافآ مبهمآ الامر المخيف والذي ارعبني هو اني كنت احلق فوقهم معصــوب العينين موثوق اليدين كيف لي ان احلق بهذه الحالة امر يصــعب تصـديقه كابوس عاش معي حتى هذه اللحظة ... اما اليوم فلم اجد تفسـيرآ لذلك غير الحرب القطرة السوداء التي سقطت على قماطي مند الساعة الاولى لولادتي , الغربان ،السلاح ،حين التــقت عينانا اول مرة ، ضحكاتنا، البالون الازرق،الاريكة السوداء ،حزام الرصاص على صدر جدك .. امسح صدرك ، (سم الحية) انقــشع الدخان وبدأت اعناق المدافع بالظهور تدريجيآ كذلك بانت زرقة السماء قطع البالون الصغير كلامه واشار بسباته نحو السماء ، البالون لازال في السماء انظر اليه قال هدا بصعوبة بالغة ثم اشار بسبابته نحوي مرددآ الترنيــمة اعادها مرات عديدة ثم قال - آن الاوان لنفعل ذلك هيا ياصديقي امسـح صدرك "نهضت من مكاني محاطآ بعاطفة اعادها الاطفال من جديد والذين تجمعوا في المـكان الذي تركوا فيه البـــالون واحدثوا جلبة هائلة ، البالون ، الثوب الازرق ، سم الحية انه هناك ، السماء زرقاء ، أحذر الجـدران ايها البالون ، حذار من الحـبل آه انه في طريقه الى السدرة ، انفجر البالون وتساقطت قطع منه على رؤوس الاطـفال اخذ كل واحد منهم قطـعة وصنع منها بالونآ صغيرأ وراحوا يرقصون على ايقاع دعابتهم نظرت الى المصطبة وكأن جــــدتي نادتني مرددة الترنيمة ليس باستطـاعة جلد الافعى ازالة عشقه عن صـدري كما لايستطيع مصمم الرقص البشري مجاراة الايقاع المتوازن الدي صعد به البالون الصغــير الى السماء .
ديوانية 13/4/2005